من أقوال عمر علوي ناسنا
أنا هنا، وهنا سأموت سؤالا: الوحدة قاتلة، الوحدة الوجودية في داخل كل واحد منا، حقا كانت مارغاريت دوراس على حق: ماذا نفعل بكل هذه الوحدة؟ أعتقد أن الوحدة الزائدة عن الحاجة، الوحدة الكريمة السخية حد الموت، الوحدة التي تطعمكَ نفسك قطعة قطعة، هكذا دون طبخ، نيئا كلحم غزال فتي، قطعة قطعة دون أن تتبدد، من آخر قطعة تنبت من جديد فيك، كي تنهشك وحدتك من جديد، الذين يعيشون في وحدة يعرفون طعم الدم، دمهم، ويعرفون طعم اللحم النيء، لحمهم، يعرفون حتى طعم فضلاتهم، يقتاتون على أنفسهم من أول خيط نور حتى آخر شهقة لليل، الوحيدون يعيشون ليلا متصلا، ليل يزوره النهار ليعذبه بالضوء، ضوء لامعنى له، ضوء يربى في حاضنات العبث، الوحيدون ينفردون بالوحش، وحش أنفسهم، إن عذابهم هو أنهم لا يستطيعون مثل الرب خلق البشر والحيوان والحجر، لا يستطيعون رسم شيء غير صورة أشلاء أجسادهم وأرواحهم، أن تكون أنتَ هو موضوعك على الدوام، أن تكون موضوع نفسك بشكل دائم، تلك هي الوحدة، الأمر شبيه بدجاج اصطناعي لا ينام، يأكل تحت ضوء نهار لا يموت، هذا هو الليل ، نهار زائف لا يموت. الوحدة هي الموت بأبشع صورة، إنها القبر الذي صنعته الحياة ليموت الناس بأعين مفتوحة.
Share this content: